الأحد، 9 سبتمبر 2012


المرأة المسلمة ومکانتها في الاسلام
         قبل ان نلقي الضوء علی مکانة المرأة في الاسلام من المناسب ان نری کيف کانت حالة المرأة قبل الاسلام، يحدثنا التاريخ عن اليونان انهم في مقتبل دولتهم کانوا يمتهنون المرأة ويعدونها من سقط الحياة ، فکانت المرأة تباع وتشتری في الأسواق ، وکانوا يحرمونها من الميراث ، ولم يکن لها الخيار في الزواج واختيار الزوج ، واذا زوجت کان الزوج هو صاحب الاختيار والاشراف المطلق عليها حتی في اموالها.
         ثم فشا فيهم الزنا والفحشاء باسم الحرية ، واذا جاءت الزانية بولد سموه ”ابن الحب“ وهکذ ابقی الأمر حتی ذهب الله بمدنية يونان وثقافتهم.
         ويحدثنا التاريخ عن الرومان ايضا بمثل ما يحدثنا عن اليونان ، اما الهندوس فمن المعلوم لديهم ان الرجل اذا مات وحرق حرقت ودفنت معه زوجته، ولم يکن لها حق الحياة بعده، والمرأة کانت تباع في الأسواق ، واحيانا المرأة الواحدة تکون زوجة لعدة رجال ، وکلنا يعلم ان ”دروپدی جي“ کان لها خمس ازواج، وکانوا يعرفون باسم ” خمس پانڈو“ واحيانا کان الأب يتزوج ابنته والابن يتزوج امه.
         وکان بعض العرب يحزن، وتضيق به الحياة علی سعتها اذا رزقه الله تعالی انثی ، فما يدري ما يصنع بها، هل يمسکها علی ذل وهوان ، أم يدسها في التراب ؟ قال تعالی : ﴿وَإِذَا بُشِّرَ أَحَدُهُمْ بِالْأُنْثَى ظَلَّ وَجْهُهُ مُسْوَدًّا وَهُوَ كَظِيمٌ (58) يَتَوَارَى مِنَ الْقَوْمِ مِنْ سُوءِ مَا بُشِّرَ بِهِ أَيُمْسِكُهُ عَلَى هُونٍ أَمْ يَدُسُّهُ فِي التُّرَابِ أَلَا سَاءَ مَا يَحْكُمُونَ﴾ (النحل:٥٨- ٥٩)
         أما الحالة السيئة للمرأة في امريکا واوربا في هذا الزمان فحدث ولا حرج ، فانها أغريت بالخروج من البيت باسم الحرية والرقی، ثم اجبرت علی العمل مع الرجال ومثل الرجال احيانا ، ثم لا تساوي مع الرجل في شروط العمل وأجرته ، ولا في الحقوق العامة واستغل جسمها وحسنها في الافلام الماجنة والمجلات الخليعة والدعايات للأمتعة والبضائع.
         وأما الاسلام فانه اکرم المرأة وعاد بها الی الفطرة التي فطرها الله عليها ، فحينما کان الرومان يقررون في القرن السادس انّ المرأة روح شريرة جاء الإسلام ليقرر المساواة الکاملة في الانسانية بين الرجل والمرأة فقال تعالی: ﴿يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا﴾ (سورة النساء:١) وقال النبي @: ”انما النساء شقائق الرجال“ (رواه ابو داؤد :1/95 ,كتاب الطهارة باب فى الرجل يجد البلة فى منامه , والترمذی :1/189 أبواب الطهارة باب فيمن يستيقظ فيرى بللا ولا يذكر احتلاما واحمد:6/256) وقال @:”حبب اليّ النساء “(مسند أحمد : 3/128) ونهی الاسلام عن قتل الأولاد ووأد البنات فقال تعالی: ﴿وَإِذَا الْمَوْءُودَةُ سُئِلَتْ (8) بِأَيِّ ذَنْبٍ قُتِلَتْ﴾ (سورة التکوير :٨-٩) واعطی الزوجة الحقوق مثل الزوج فقال: ﴿وَلَهُنَّ مِثْلُ الَّذِي عَلَيْهِنَّ بِالْمَعْرُوفِ وَلِلرِّجَالِ عَلَيْهِنَّ دَرَجَةٌ﴾ (البقرة:٢٢٨) کما قرر المساواة بين الرجل والمرأة في الايمان والعمل والجزاء علی ذلك فقال تعالی :﴿إِنَّ الْمُسْلِمِينَ وَالْمُسْلِمَاتِ وَالْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ وَالْقَانِتِينَ وَالْقَانِتَاتِ وَالصَّادِقِينَ وَالصَّادِقَاتِ وَالصَّابِرِينَ وَالصَّابِرَاتِ وَالْخَاشِعِينَ وَالْخَاشِعَاتِ وَالْمُتَصَدِّقِينَ وَالْمُتَصَدِّقَاتِ وَالصَّائِمِينَ وَالصَّائِمَاتِ وَالْحَافِظِينَ فُرُوجَهُمْ وَالْحَافِظَاتِ وَالذَّاكِرِينَ اللَّهَ كَثِيرًا وَالذَّاكِرَاتِ أَعَدَّ اللَّهُ لَهُمْ مَغْفِرَةً وَأَجْرًا عَظِيمًا﴾(سورة الاحزاب:٣٥) وقال: ﴿مَنْ عَمِلَ صَالِحًا مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُمْ بِأَحْسَنِ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ﴾ (سورة النحل :٩٧)
         وحث الناس علٰی تربية البنات والاخوات وتهذيبهن ، فقال النبي@:”من کان له ثلاث بنات أو ثلاث أخوات أو بنتان أو أختان فأحسن صحبتهن واتقی الله فيهن فله الجنة“(رواه الترمذي:4/320 , كتاب البر والصلة باب ما جاء في النفقة على البنات والاخوات) وقال:”من ابتلی من هذه البنات بشيء فأحسن اليهن کن له سترا من النار“( متفق عليه , صحيح بخاري :2/136 كتاب الزكاة باب اتقوا النار ولو بشق تمرة , صحيح مسلم :8/38 ,كتاب البر والصلة والآدب باب فضل الإحسان إلى البنات)
         واقر حقها في الميراث فقال تعالی :﴿لِلرِّجَالِ نَصِيبٌ مِمَّا تَرَكَ الْوَالِدَانِ وَالْأَقْرَبُونَ وَلِلنِّسَاءِ نَصِيبٌ مِمَّا تَرَكَ الْوَالِدَانِ وَالْأَقْرَبُونَ مِمَّا قَلَّ مِنْهُ أَوْ كَثُرَ نَصِيبًا مَفْرُوضًا﴾(سورة النساء: ٧)
         وجعل الزوجة آية من آياته وسببا لتسکين الرجال وراحتهم فقال تعالی:﴿وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُمْ مَوَدَّةً وَرَحْمَةً إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ﴾ (سورة الروم:٢١) واشترط اذنها ورضاها في النکاح فقال@:”لا تنکح الايم حتی تستأمر ولا تنکح البکر حتی تستأذن “ قالوا: يا رسول الله کيف اذنها ؟ قال: ”ان تسکت“(رواه السته , صحيح بخاري :7/23 , كتاب النكاح باب لا ينكح الأب وغيره البكر والثيب إلا برضاها) وفرض لها الصداق قال تعالی:﴿وَآتُوا النِّسَاءَ صَدُقَاتِهِنَّ نِحْلَةً﴾ (النساء:٣) وکما اعطی الرجل حق الطلاق عند الحاجة کذلك اعطی المرأة حق الخلع عند الحاجة، قال تعالی : ﴿فَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا يُقِيمَا حُدُودَ اللَّهِ فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِمَا فِيمَا افْتَدَتْ بِهِ﴾ (البقرة: ٢٢٩) وجاءت امرأة ثابت بن قيس الی رسول الله @ وقالت: يا رسول الله ان ثابت بن قيس لا أعتب عليه في خلق ولا دين ، ولکن اکره الکفر في الاسلام ، فقال رسول الله @ : اتردين عليه حديقته؟ قالت: نعم ، فأرسل رسول الله@ اليه وقال له : اقبل الحديقة وطلقها ، فطلقها.(رواه البخاري :7/60 ,كتاب الطلاق باب الخلع وكيفية الطلاق فيه )
         اما جعل الرجل قواما علی المرأة فلأن الرجل هو الذي يدفع المهر ، ويعد السکن للزوجة ويکون مسؤلا عن جميع النفقات ،کما يکون اقوی في العقل والفکر والصبر والتحمل.
         وخلاصة القول ان المرأة المسلمة لها مکانة عظيمة في الاسلام ، سواء کانت بنتا ، أو أختا ، أو أما ، أو زوجة ، أو عمة ، أو خالة أو جدة ، ولها حقوق من حيث البنت والأخت والأم والزوجة والعمة والخالة والجدة , فقال النبي@: ”من کان له ثلاث بنات او ثلاث اخوات او بنتان اوأختان فأحسن صحبتهن واتقی الله فيهن فله الجنة“(رواه الترمذي:4/320 ,كتاب البر والصلة باب ما جاء في النفقة على البنات والاخوات) وقال تعالی:﴿وَعَاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ﴾ (النساء:١٩) وقال@:”وان لزوجك عليك حقا“ (رواه البخاري: 7/40 ,كتاب الصوم باب حق الجسم في الصوم) وقال تعالی:﴿وَقَضَى رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِنْدَكَ الْكِبَرَ أَحَدُهُمَا أَوْ كِلَاهُمَا فَلَا تَقُلْ لَهُمَا أُفٍّ وَلَا تَنْهَرْهُمَا وَقُلْ لَهُمَا قَوْلًا كَرِيمًا﴾ ( الاسراء: ٢٣)
         وحسبک ايتها المرأة المسلمة فضلا وتکريما قول النبي@:”الدنيا کلها متاع وخير متاع الدنيا المرأة الصالحة“(صحيح مسلم : 4/178 ,كتاب الرضاع باب خير متاع الدنيا المرأة الصالحة) فهذه شهادة سيد الاولين والآخرين وخاتم الأنبياء والمرسلين , ولا حاجة بعد هذه الشهادة الی شهادة اخری.
         وأخيراً اسأل الله عز وجل ان يوفقنا جميعا لما يحب ويرضاه ، ويجعلنا من عباده الصالحين، ومن اهل الجنة المکرمين. وصلی الله وسلم علی عبده ورسوله محمد وعلی آله واصحابه اجمعين.

هناك تعليق واحد: