Dr Fazlur Rahman Almadni

اسباب انحطاط المسلمين وعلاجه

         الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على رسوله محمد وعلى آله واصحابه أجمعين. أمابعد!

         من المعلوم لديكم أن المسلمين في الدور الاول وفي عهد سلفنا الصالحين كانوا أعزاء واقويا، وكانت لهم الشوكة والغلبة والقوة والهيبة الى حد كان يخاف منهم ملوك الدول الكبرى وسلاطينها آنذاك امثال وكان لهم التقدم والازدهار والرقى في العلوم والاقتصاد والسياسة، وكانت لهم السيادة والقيادة من الناحية العسكرية, لكن اليوم حنيما ننظر الىٰ المسلمين في العالم نجدهم في انحطاط وضعف وذلة وهوان , فهذه قبلتنا الاولى تبكي دما، واليهود انحجنتاء الحبشعون تسلطوا عليها لمبوامرة الانجليز والامريكان ،وقتلوا الأبرياء والصنعفاء، وشردو النسا والصيبان من بلادهم حتى اصبحوا غرباء لاجئسين، لا ملجأ لهم ولا ماوى، ودماء المسلمين تحلدرائون في شيشان وكوسوغو وكشمير وغيرها من البلاد، ولا يجد المسلمون اليوم من يصيغي الى نداء هم وننيطر في الورهم ونيصف بهم ويسا عدهم في الحصول على حقوقهم المسلوية.

         وليست لهم قوة تذكر مع كثيرة عددهم ،وليست لهم كلمة مسموعة في المنظلمات الدولية مع كثيرة حكوماتهم، وليست لهم مكانة مرموقة في العلوم والتكنولوجيا والوقوة العسكرية مع كثيرة ثرواتهم وامتلا كهم البترول والذهب وغيرهما من المدنيات والثروات.فهناك ياتي السوال في الاذهان. ماهي اسباب انحطاط المسلمين وهوانهم وضعفهم في العصر الراهن؟

         أن الاسلام دين كامل وشامل ،قد اختاره الله للانس والجن الى يوم القيامة كماقال سبحانه وتعالى: ﴿إِنَّ الدِّينَ عِنْدَ اللَّهِ الْإِسْلَامُ﴾ (آل عمران:19) وقال ﴿وَمَنْ يَبْتَغِ غَيْرَ الْإِسْلَامِ دِينًا فَلَنْ يُقْبَلَ مِنْهُ وَهُوَ فِي الْآخِرَةِ مِنَ الْخَاسِرِينَ﴾ (آل عمران:85) ولتبليغ هذا الدين وتبيينه أرسل الله سبحانه خير خلقه وسيد رسله وخاتم انبيائه محمد بن عبد الله صلوات الله وسلامه عليه. فمن استجاب دعوته واعرنق دينه ، واختاره كمنهج ودستور لحياته وعمل الصالحات فقد افلح وفاز، ومن اعرض عنه خاب وخسر،واذله الله واهانه على رووس الا شهادة. وقد اشار سبحانه وتعالى الى هذه النكتة في قوله ﴿وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِي الْأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ الَّذِي ارْتَضَى لَهُمْ وَلَيُبَدِّلَنَّهُمْ مِنْ بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْنًا ﴾ (النور:55)

         فالسبب الاول لإنحطاط المسلمين العراض عن للحق، وارتكاب المعاصي والمنكرات، وتضيع الصلوات واتباعُ الشهوات، وايثار الدنيا على الآخرة، والابتعاد عن كتاب الله وسنة رسوله، واتباع القوانين الوضعية وترك القوانين الإسلامية، والاعتماد على اعداء الله من اليهود والنصارى والمشركين، وترك الاعتماد على الله. فاذا نسوا الله انساهم، وسلّط عليهم امما اخرى ﴿وَمَا ظَلَمَهُمُ اللَّهُ وَلَكِنْ كَانُوا أَنْفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ ﴾ (النحل:33) و﴿ إِنَّ اللَّهَ لَا يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنْفُسِهِمْ ﴾ (الرعد :11)

         السبب الثاني الإنحطاطهم هو اختلافهم وتفرقهم شيعا واحزابا فمع الاسف ان اليهود والنصارى و اتحدوا لمحاربة المسلمين وقتلهم وخراجهم من بلادهم و ديارهم. وبينهم اتفاقيات للتعاون فيما بينهم في المجال  العسكري الاقتصاي والسياسي والعلمي. اماالمسلمون فانهم متفرقون ومتشتتون، يحارب بعضهم بعضاً، ويقتل بعضهم  بعضا، واذا حصل النزاع بين دولة اسلامية ودولة كافرة لاتتحرك الدول الاسلامية الاخرى لمساعدة اختها وتائيدها , ولا شك ان القوة والغلبة والفوز والفلاح في الاتحاد والتعاون فيما بينهم، والضعف الذلة والهزيمة في الاختلاف والانشقاق قال الله تعالى : ﴿وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعًا وَلَا تَفَرَّقُوا﴾ (آل عمران :103) وقال في موضع آخر : ﴿وَلَا تَنَازَعُوا فَتَفْشَلُوا وَتَذْهَبَ رِيحُكُمْ وَاصْبِرُوا إِنَّ اللَّهَ مَعَ الصَّابِرِينَ ﴾ (الانفال :46)

السبب الثالث لإنحطاط المسلمين هو حب الدنيا وكراهية الموت، وقد ورد ذكر هذا السبب في حديث ثوبان ، ففيه قال!قال: أنتم يومئذ كثير، ولكن تكونون غثاء كغثاء السيل، ينتزع المهابة من قلوب عدوكم، ويجعل في قلوبكم الوهن. قال قلنا :ما الوهن؟ قال حب الدنيا وكراهية الموت.

         والسبب الرابع من اسباب انحطاط المسلمين تخلفهم في ميدان العلم والتكنولو جيا مع ان الاسلام دين العلم والمعرفة، ودين الفكر والثقافة : واول آية نزلت من القرآن الكريم هو قوله تعالى: ﴿اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ (1) خَلَقَ الْإِنْسَانَ مِنْ عَلَقٍ (2) اقْرَأْ وَرَبُّكَ الْأَكْرَمُ (3) الَّذِي عَلَّمَ بِالْقَلَمِ (4) عَلَّمَ الْإِنْسَانَ مَا لَمْ يَعْلَمْ﴾ (العلق:1-5) حثت هذه الآية على العلم وذكرته اربع مرات. وقال الله سبحانه وتعالى : ﴿يَرْفَعِ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَالَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ دَرَجَاتٍ﴾ (المجادلة :11) والآيات القرآنية والاحاديث النبوية مليئة بذكر العلم وفضائله واهيته ودوره في رقى الفرد والمجتمع لكن مع الاسف ان المسلمين مع ذالك غفلوا عن الدراسة وحصول العلم، وكثر فيهم الجهل والامية وصاروا متخلفين في ميدان العلم والبحث والتحقيق.

         هذه هي الاسباب المهمة لتخلف المسلمين وانحطاتهم واذا علمنا الاسباب فمن السهل جداً معرفة علاجه، وهوا التمسك بالكتاب والسنة، وتطبيق الشريعة الاسلامية في جميع شئون الحياة، والاتحاد والتعاون بين المسلمين، بين افرادهم وجمعياتهم وبين الدول الاسلامية في جميع المستويات. ونبذ الخلاف والنزاع وكونهم كالجسد الواحد اذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالسهر والحمى.

         وكذالك الاتبعاد عن حب الدنيا وكراهية الموت، والجهاد في سبيل الله بالأموال والانفس، وبالقلم واللسان والاسلحة وكذالك العناية التامة والعاجلة بالتعليم والتربية، ومطاردة الجهل والامية فهذا هو العلاج الصحيحُ والشافي لهذا المرض انهتاك.

         وآخيراً أدعو الله سبحانه ان يخرجنا من الظلمات الى النور. ومن الانحطاط والذلة الى الرقى والعزة والكرامة، ومن الجهل الى العلم ، ومن الكسل الى الجد والجهاد، ومن الانشقاق والاختلاف الى الاتحاد والائتلاف ، ومن حب الدنيا الى حب الآخرة ، ومن كراهية الموت الى شوق الشهادة. ربنا آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار. ربنا تقبل منا انك انت سميع العليم وتب علينا انك انت التواب الرحيم, آمين يا رب العالمين